الأربعاء، ٨ كانون الأول ٢٠١٠

التلفزيون في غرفة الانعاش بقلم: ماهر ابو طير

تأتي ادارة جديدة للتلفزيون والاذاعة بقيادة بيان التل ، اعانها الله ، تعرف انها امام مهمة قاسية وصعبة ، على جبهة التلفزيون ، تحديداً ، ادت في وقت سابق الى الاطاحة برؤوس كثيرة تولت الموقع ، ما بين من خرج زاحفاً او مستقيلا او مقهوراً.

التلفزيون يبث وسط ما يزيد عن الف ومائتي محطة تلفزيونية عربية ، ما بين الاخبارية والدرامية ، وعلى التلفزيون ان يستعيد مكانته وسط هذا التنافس ، وهي مهمة تكاد تكون صعبة جداً ، وان كانت غير مستحيلة.

احدى المفارقات ان المواطن يدفع ديناراً شهرياً لتلفزيون لا يراه ، فيما يشاهد الف ومائتي محطة ، بلا كلفة ، مختاراً منها التي تناسبه ، دون ان يدفع قرشاً واحداً ، ولعل استعادة جمهور التلفزيون مهمة لن تتم بمجرد اجراء تغييرات ، ووضع خطط عمل ، وانتظار القطاف بعد شهور قليلة.

احد اهم مشاكل التلفزيون تحديداً هي نقص المال ، فتلفزيون مدين ، او ماله قليل للغاية ، لا يمكن ان يبدع ابداً ، ولا ان ينتج مسلسلا ، ولا ان يفتح نشرة اخبار الثامنة على الستالايت ، فيجري مقابلات على الهواء.

في وضع كهذا لا يمكن ان تتزايد قنوات التلفزيون فتصبح هناك قنوات متخصصة ، للاطفال وللدراما وللاخبار ، ولغير ذلك.

فوق ذلك ، فان عقيدة الخوف تسيطر على من في التلفزيون ، لان كل شيء بحاجة الى تدقيق مبالغ فيه ، وكل استضافة او رأي بحاجة الى استشارات.

هكذا يعمل التلفزيون تحت وطأة مراعاة القوى والاسترضاءات والمخاوف من الاجتهاد ، والخوف من الخطأ او المبالغة في تقدير كلفة الخطأ وثمنه.

كادر التلفزيون الكبير احد المشاكل ، والحل الذي اراده سابقون غير منطقي فطرد الناس من وظائفهم ليس هو الحل ، ونقل بعضهم من خارج كادرالاعلاميين الى مؤسسات اخرى دون تأثر رواتبهم قد يكون حلا منطقياً.

فوق ذلك فان احدى المشاكل البارزة هي الشللية فيأتي رأس ويجلب مجموعته ، ويرحل شخص وترحل مجموعته ، وهكذا تضيع المواهب والابداعات.

المشاكل التقنية قيل فيها الكثير ، اذ ان الشاشة باهتة ، ولا تسر ناظراً اليها والسبب هنا فني بحت ، والملف التقني بحاجة الى ورش عمل من اجل اعادة انتاج الشكل توازيا مع المضمون.

من اهم الحلول التي يتوجب الوصول اليها فصل التلفزيون عن الاذاعة فنياً ومالياً وادارياً ، وان نعيد انتاج دور التلفزيون باعتباره محطة تلفزيونية ، وليس وجاهة لاحد ، او تابعة لاحد.

ينطبق ذات المنطق على موظفيه الذين يلوح كل واحد ضد الاخر بامتداده هنا او هناك ، وكأننا وسط عراك شخصي في حالات معينة.

سمعنا الاف القصص التي استأسد فيها وزراء سابقون وموظفون من درجات عليا على اعلاميي التلفزيون على خبر ضائع ، او تقرير لم تكن مدته كافيه بنظر الغاضب ، وهنا مربط الفرس ، فالتلفزيون يتوجب تحريره من قيوده التي تعرقله كل يوم ، ويتوجب ايضا تحسين ظروف موظفيه.

اكبر مفارقة. الاعلامي الاردني في التلفزيون يكون مسحوقاً ومقموعاً ومتعباً ، لكنه حين يرتحل الى محطة عربية اخرى يصبح مبدعاً ولامعاً وشريكاً في النجاح ، وهذا دليل على ان المشكلة ليس في الاعلامي ، وانما في البيئة التي يتم وضعه فيها.

تحرير التلفزيون مالياً وادارياً ومهنياً من عشرات القيود ، هو الحل الوحيد لاخراجه من غرفة الانعاش.


بقلم: ماهر ابو طير

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق