الأحد، ٥ كانون الأول ٢٠١٠

الحل لدى قيادات الصف الثاني

درجتْ العادةُ أن تطالَ الانتقاداتُ الصف الأول من المسؤولين، وتحديدا الوزراء، لناحية مدى الانسجام بينهم واتفاقهم على خطوط عريضة للرؤية والسياسة التي تنظم عملهم.

وكثيرا ما كانت أنباء التعديلات والتغييرات الحكومية على مستوى الرجل الأول في الوزارات تتبع بكثير من التحليلات والآراء التي تطالب الوزراء باتخاذ منهج محدد من أجل تحقيق المصلحة العامة.

وفي أوقات كثيرة كان الحكم على الأداء العام لأي حكومة مرتبطا بمستوى تقييم أعضائها، وظلت الانتقادات توجه للوزير باعتباره المسؤول الأول والأخير عن الأخطاء والعثرات التي تقع.

بيد أن استمرار النقد للفريق الأساسي منذ عقود، لم يصحح الاعوجاج القائم، ولم يسهم في تقليص حجم مشاكل قائمة في مختلف الاتجاهات والقطاعات، لا بل إن بعضها آخذ بالاتساع والتفرع رغم كل الحديث عن مؤهلات قيادات الصف الأول.

فمعدلات الفقر على حالها، ومستوى معيشة الناس اتخذ منحى هبوطيا منذ سنوات، ولم يسعف الحديث المتكرر عن مؤهلات الوزراء التطلعات لوجود نظام ضريبي عادل، فملفات التهرب الضريبي وأموال الخزينة ما تزال مهملة ومن دون أي مبادرات لتقليصها.

كما أن الهدر في المال العام، وتحديدا في موضوع المشتريات يتزايد، وملايين الدنانير تضيع بلا طائل، ومعدلات البطالة تتزايد، رغم وجود عدد هائل من مراكز التدريب المهني تنتشر في مختلف محافظات المملكة، ولم تسهم في تدريب وتأهيل قوة العمل بمهارات تساعدها على دخول سوق العمل.

كل الحديث عن الوزراء وقدرتهم على الإنجاز، وما يزال عجز الموازنة يتزايد، وحجم موازنة الدولة ينمو باطّراد، رغم التحذيرات المتكررة من خطورة هذا التزايد غير المبرر على الاقتصاد والإنجازات التي حققها في الماضي.

وأظن أن استمرار الحديث عن توليفة الصف الأول من المسؤولين لن يحل المشكلة، بل سنظل ندور في حلقة مفرغة من كلام مجاني عديم النفع في ظل قِصر أعمار الحكومات الأردنية التي يبلغ متوسط بقائها عاما تقريبا، ما يقلل الفرص بتحقيق منجزات تذكر وتسجل.

ولربما يكون الحل بالتركيز على قيادات الصف الثاني، من خلال تأهيلها لإحراز تغيير إيجابي، وتوجيه الأنظار اليها، وصقل مهاراتها، واخضاع سياساتها للتنقيح والمتابعة من قبل الجهات الرقابية.

ويتواجد في القطاع العام العديد من الدوائر التي يسهم الارتقاء بآليات إداراتها بحل بعض العقد المستعصية، ومن هذه الدوائر على سبيل المثال لا الحصر، ضريبة الدخل والمبيعات، والمشتريات الحكومية، ووحدة التفتيش في وزارة المالية، دائرة العطاءات، ومؤسسة التدريب المهني، وغيرها كثير.

بأيدي القائمين على هذه المؤسسات إمكانية تفوق تلك المتوفرة للوزراء، ولا ننسى صندوق التنمية والتشغيل كنموذج تمكن نتيجة نشاطه الاستثنائي ومبادرات من تشغيل الآلاف وتوفير مشاريع صغيرة كفتهم شر الفقر والبطالة.

لكن بقاء عمل هذه المؤسسات والمديريات وفق إيقاعها الحالي لن يُصلح الحال، بل يجعل توقع حصول تغيير إيجابي أمرا مستحيلا في المدى المنظور.

الحل الحقيقي لكثير من مشاكلنا لا يكمن في أيدي الوزراء، الذين ما إن يتسلموا الموقع حتى يغادروه، والإصلاح في كثير من الملفات في أيدي قيادات الصف الثاني، الذين يملكون الوقت وبحاجة لأدوات لإحداث التغيير، إن توفرت الإرادة.

جمانة غنيمات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق